الجميلة والملك السيء

أعلم أنَّ في تلك الحياة هناك شئٌ جميل يُدعى الحب، ولكن كما هو شئ جميل يكاد أن يصبح لعنة أبدية على البعض منا….

فتاة عادية من الطبقة المتوسطة تعيش حياتها كباقي الناس، تمر بكثيرٍ من المشاكل والظروف القاسية والشخصية في حياتها، ولكنها كانت تتمتع بروح مرحة للغاية… تضحك وتلعب وتمرح وترقص، لكن عيبها الوحيد كان هو أن كل ما يراها يحبها ويعشقها! 

مرت سنوات حتى صارت تلك الجميلة ناضجة ولكن ذات ليلة واجهت شيئًا كبيرًا لم تقدر عليه كان أشبه  بالسقوط من فوق تلةٍ كبيرة كادت أن تودي بحياتها، فقدت الأمل، تحطمت كل طموحاتها ووقعت على الأرض وكأنها هُزِمَت من قِبَل العالم أجمع. احتلت الغيوم حياتها، تساقط ورد الربيع وأصبح خريفيًا ذابلًا، حتى تقابلت مع ذلك الملك، لم أعرف كيف للأيام أن تجمعنا هكذا! وكيف للصدفة أن تجمع هذين الشخصين اللذين ينتميان لعالمين مختلفين، فهي ثمة فتاة عادية، وهو ملك ذو حصون قوية. ولكن يشاء القدر أن يجمع هذين القلبين تحت مظلةٍ واحدة.

أ تلك صدفةً؟ أم ترتيبًا من القدر لإيجاد دواء لهذين القلبين ؟!

في يومٍ من الأيام ذهبت الجميلة لذلك الملك لكي يساعدها في مصيبتها، ولأنها متمردة ولا تعرف في فن المقامات فكان كل ما يجول في بالها تقوله دون خوفٍ من أحد، و دون أن تعي هم التفرقة،  فكان هذا سبب عشق الكثيرين لها. 

ذهبت لأن المشكلة كانت أكبر منها ولكنه وبدون تردد حاول أن يساعدها دون أن يتكبر عليها ولم نعرف لماذا حدث هذا؟!

حاول أن يخطو معها خطوة بخطوة كانت المشكلة أكبر منه ومنها ولكنه حاول أن يُزيح العقبات من وسط طريقها لكي يعطيها دافع العبور، ووصلت بفضله قمة النجاح. .

ولكن حدث مالم يجب حدوثه، وهو الحب!!

الحب الذي يتوغل داخل القلب يومًا بعد يوم دون معرفه كيف..ومتى ..وأين؟ بدأ ينهش في عقلها ويتوغل في عروقها، وأصبح ذلك الملك عبارة عن نجمًا متوهجًا.. أجل إنه كذلك، فهو ذلك النجم الذي يشعل الضوء في عتمة الظلام… وصفته بذلك لأن الذي يجعل من الحطام شيئًا نافعًا يكون نجمًا كما لو أنه يضئ للضالين ليلًا طريقهم .

قلب حياتها رأسًا على عقب، بدأ يحتل مدينتها وأحلامها، بدأ يزورها في المنام كل ليلة، شعرت وكأنها ضمن عائلته،  وبدأت تشعر بكل شيء يشعر به حزنًا كان أم فرحًا، بدأت تشاركه كل شيء ولا تعرف لماذا!

كانت تشم رائحة عطره  كل يوم وكأنَّ الرياح تحملها لها لتملأ الجو اطمئنان وأمانًا لها، فكانت كلما شممت عطره شعرت بالراحة والهدوء الذي يخفف من ألم روحها.

كانت كلما رأته في مكان يدق قلبها كثيرًا،  ويغلب عليها الخجل .حين نظرت له عندما كانت تحدثه كانت تنظر لأسفل؛ لأنها تخجل منه وهو كان يعتبر هذا قلة اهتمامٍ منها،  وأنها تنفر منه، لم يعلم ـنها كانت تعشقه حد الجنون، ولو يتوقف الزمن كادت أن تقول له أنها تحبه وتريده في حياتها فهو ملاذها  ومأمنها. 

كانت تتشتت مشاعرها عندما لم تره يومًا، كانت تحزن، تطوف كالمجنونة لتبحث عنه فقط لكي تراه، وتأكدت حينها أنها تعشقه حد الجنون، ولكنه لا يعرف هذا، لا يعرف كم الحب الذي تقتنيه تلك الجميلة في قلبها، لم يعرف كم عانت بسبب هذا الحب.  

كل ما كان عليه هو أن يبعث لها رسائل في الخفاء لأنه ملك كان يعشقها في الصمت لا يريد أن يبوح بما في قلبه، ولكنها كنت تشعر به وبأن كل تلك المشاعر الصامتة كادت أن تقتله وتقتل قلبه الحزين هذا. 

تعلقت به حد الجنون بسبب كثرة كلامه العذب الخفي، ولكن بعد ذلك أصبح كل هذا سُمًا! نتعته بالملك السيء لأنه كذلك؛ أخذ قلبها وروحها وغادر المملكة،  ذهب ولم يعد…

 ذلك الحظ الجيد  والحيلة السعيدة التي عاشتها في حضرته قد تلاشت في لحظة،  كل تلك القصور الموردة تساقطت أعمدتها مع ذهابه.. ذهب وتركها في تلك الحياة  الضاغطة على الروح والأنفس، كسر قلبها وأصبحت رمادًا حطامًا لا حراك لها، حاولت أن تمضي وتعبر بحور النسيان ولكن رائحته كانت تعذبها كل ليلة، كادت أن تقول لها لا مفر من الهرب منه… ذلك الصامت السيء الخائف من الحب مضى ولم يرد أن يواجه حبه ولو مرة  واحدة، كل ما كان يريده الخفاء وعدم الظهور… لماذا ؟؟ لم تعرف ذلك! 

“هي وحدها من كانت بطلة القصة، هي التي عانت الكثير من الآلام حقًا حين تركها في ذلك الكون الخالي، تلك التي كانت تريد أن تمحي كل ذكرياتها، كانت تأتيها رائحته وهي جالسة في شرفة منزلها، وكأنها تقول لها لم أسمح لكي بنسيانه. فتتذكر ضحكاته همساته ووجهه وكل شيء فيه، حتي  دعاباته المضحكة فتضحك… 

“نظرت للسماء وقالت كان هو الحظ الجميل الذي كنت أريده في حياتي، فكما جلبه القدر إلى حياتي صدفةً وذهب أريد رجوعه أيضًا لتكتمل قصتي ويكون لها نهاية سعيدة.

                    “أنتظر رجوعك على مفترق الطرقات كل ليلة”