كيف تحولت متلازمة ميسي إلى ما يشبه التقدم الفضائي؟

Comments 0

مقدمة

ابن روزاريو الذي نشأ في أكاديمية “نيولز أولد بويز” لاعبًا قصيرًا للغاية، مبهر من يومه الأول للجميع والحديث يتواصل يومًا بعد يوم عن لاعب مهاري من الدرجة الأولى، وعمره لم يتجاوز الحادية عشرة، واصل التألق بين الأطفال الصغار، والأسرة كانت سعيدة بالأمر، لكن جاءت المفاجأة كالصاعقة عليهم جميعًا: لديه مشكلة في النمو، لن ينمو سريعًا، سيتأخر عما يدور حوله… متلازمة النمو التي أثرت عليه في أيامه الأولى، لم يذهب أو يأتى.. لم يبدأ في التواجد ولم يبدأ في تجربة حظوظِه حتى جاءته هذه الأخبار.

حسنًا، ماذا نفعل؟ ما الحل؟ هل نتركه هكذا، الأمل يضعف يومًا بعد يوم والفرص تتقلص أمامهم، والطب قد وقف عاجزًا عن إيجاد حل جذري، والحديث يتواصل عن حلولٍ علاجية طويلة الأمد قد تأتي بثمارها وربما العكس!

الحـل:

الحالة المعيشية لأسرة ميسي لم تكن كافية كي تعطيه علاج هرمون النمو، مؤكّدٌ أنهم لا يريدون أن يتركوه هكذا.. لكن لا يوجد حل أمامهم حتى أتى الحل… رآه أحد كشافي برشلونة الأسباني ريكساش الذي أقنع مسئولي النادي وقتها أن يتعاقدوا مع هذا الناشئ، حين قال لهم:

“هذا الصغير سيصبح شيئًا كبيرًا يومًا ما.” وفعلًا تعاقد برشلونة مع ميسي في عام 2000 على أن يتعهد الفريق بتقديم علاج هرمون النمو لمعالجة ميسي من هذه المشكلة، وقد تحقق الأمر بأن نجحت الفكرة ورأينا تطورًا مذهلًا في أداء ميسي يومًا بعد يوم.

“صورة من عقد ميسي مع برشلونة.”

الإشارة من العقل إلى القدم

في ڤيديو خاص بالدحيح، والذي ينشر ڤيديوهات تناقش قضايا علمية بشكلٍ مبسط، تحدث عن أن حركة القدم تتم بالاستجابة إلى إشارة قادمة من المخ إلى القدم، وأشار إلى أن سرعة الإشارة مع ميسي تختلف عن الآخرين. 

الأهـداف

ميسي لديه عادة غريبة للغاية، كالعادة كما ذكرنا.. الإشارة التي تأتيه من عقله إلى قدمه أسرع من بقية اللاعبين؛ فلديه أسبقية في ذلك… ولنا في ذلك أمثلة غريبة:

  • هدف في ريال مدريد في الدقيقة 92:

إذا لاحظت الكرة بوضوح، ستعلم أن ميسي في كل مرة يؤديها يمتلك عينًا ثاقبة وتأكد من قدرته على تسجيلها بهذا النمط، هو يرى الكرة قبل غيره بمعدل ٣ أو ٤ ثواني وهذه الإمكانية جعلته يسجل الهدف وكأنه يمر بمجموعة من الناس يلقي عليهم التحية.

إذا أعطينا اهتمامًا أكبر للكرة سنلاحظ أنها قادمة من جوردي ألبا بينما ميسي يخرج من المنطقة كي يسجلها بنفس الطريقة، ومارسيلو يعلم كيف يسجلها ميسي، وهكذا الحال مع راموس والحارس نافاس وخط وسط مدريد.. لكن هل يستطيع أحد إيقافها؟ الإجابة ستكون لا، لأنه يسبقك بمعدل ثوانٍ تعطيه الفرصة ليسجل، ويجعلك تقدم ردَّ فعلٍ متأخر عنه ببضع ثوانٍ.

  • هدف في ريال بيتيس بشكل خرافي:

أحد الأهداف التي علقت في أذهان الجميع، ميسي يتحدى الطبيعة في كرةٍ قادمة إليه لم يسجلها كما فعل في هدف مدريد.. لم يكتفِ بأنه يسبقك ببضع ثواني، وإنما يقدم أفكارًا مختلفة، لمس الكرة لمسةً سحرية؛ جعلتها تذهب أعلى جميع المتواجدين في منطقة الخصم بما فيهم لاعبي البارسا، وأتت لحارس المرمى بشكلٍ غير متوقع جعلته يعاني بشدة على الرغم من تقديمه لارتقاء لا نراه إلا نادرًا، ومع ذلك لم يستطع أن يلحق بها.

دهشة غريبة أصابت جميع المتواجدين، راكيتيتش ثم سيرجي روبيرتو، ودفاع ريال بيتيس بما فيهم حارس الفريق، وظلت وسائل الإعلام تحتفي بهذا الهدف لفترة طويلة! 

  • هدف فيزيائي في دييجو لوبيز:

عندما نشاهد ميسي يلعب كرة ثابتة أمام المنطقة فإننا نتأكد من أننا سنشاهد فكرة جديدة للتسجيل، تارةً يضربها في القائمين ثم تدخل المرمى، وتارةً أخرى يسددها في الزاوية الـ 90 بشكلٍ غريب، وتارةً يسددها بشكلٍ دائري وفي كل مرة كأنه يحطم قوانين الفيزياء في لوحة فنية رائعة.

لكن ما حدث في الحارس دييجو لوبيز في مواجهة برشلونة مع إسبانيول هو أمرٌ غريب جدا، الكرة متواجدة في منتصف حافة المنطقة، وميسي يستعد للتصويب على حارسٍ عملاق الطول مثل لوبيز… بالنسبة إلى اللاعب الطبيعي سنشاهد لاعبًا يحاول ركل الكرة في أبعد مكان عن الحارس لوبيز “الزاوية الأخيرة وبقوة عالية بالتأكيد” 

لكن ميسي قرر أن يركلها في منتصف المرمى تقريبًا، بينما نحن نشهد عجزًا كبيرًا من الحارس لوبيز عن التصدي لها بسبب عدم توقعه أن يلعبها ميسى بهذا الشكل.. أبهرنا مجددًا ثم سار في الملعب وكأنه لم يفعل شيئًا! 

حسابات ميسي

في عالم كرة القدم توجد حسابات رياضية، منها ما هو منطقي وهناك أشياء خارقة للعادة، فمثلًا كنا نرى شافي هيرنانديز يرسل التمريرات العالية لداني ألفيش بشكلٍ غريب؛ فقد كانت الكرة تنزل على الأرض وتتوقف دون أن تعود للأعلى، فيما يعرف بالنظرية التي تقول أن أي جسم يرتطم بالأرض فإنه يعود للأعلى في ردة فعل من الأرض، لكن كرات شافي لم تكن تعود للأعلى، وهو ما أصاب المتابعين بالحيرة الشديدة لفترة طويلة، وهناك تسديدات روبيرتو كارلوس التي أثبتت نظرية أن المسار المنحني هو الطريق الأقرب والأسرع من المسار المستقيم.

ميسي لديه رأي خاص في التمريرات، الجميع يرسل الكرة لأصدقائه، لكن ميسي لديه حسابات خاصة.. فنحن نرى التمريرات التي يرسلها ميسي عاليًا من ناحية إلى الأخرى، خصوصًا إلى جوردى ألبا ونيمار وراكيتيتش، الكرة تذهب عاليًا في كل مرة لكنها تختلف في الدقة على نسق يتناسب مع سرعة وطول كل لاعبٍ منهم، فقد كنا نراها تذهب إليهم بشكلٍ يعطيهم الفرصة على التحرك بأريحية عالية في مساحات ممتازة.

تمريرة ميسي التي لا تخطئ ولا تتعارض مع سرعتك ومواصفاتك البدنية أمرٌ مذهل للجميع، بسبب التكرار أصبحنا نراها بسيطة لكنها تبدو صعبةً للغاية ومبهرةً حتى لمن يتلقى الكرة في الملعب!

متـلازمة

الطريق مفتوح أمام الجميع بدون أيّةِ تناقضات أو أمور سلبية، عليك فقط أن تؤمن بنفسك كي تذهب للبعيد… قدرتك على مواصلة الطريق نحو حلمك والحصول على الدعم ممن هم حولك ستصل إلى ما تريد حتى إن كانت لديك مشكلة في النمو مثل ميسي، ميسي الخارق المذهل الذي حوّل متلازمة توقف النمو إلى أن يصبح شخصًا فضائيًّا يبعد عنّا بفترات ضوئية، مكّنَتْهُ من الوصولِ إلى هذه المرحلة من النمو الكروي.