كرم جابر … أسطورة قتلها الفساد الرياضي

Comments 0

«أنا عايز أكون زيّك يا عادل»

هكذا بدأت قصة حياة أحد نجوم الرياضة المصرية كرم جابر، الذي سطع أمام الجميع وانبهرت به الجماهير ثم اعتزل ثم عاد وسطع، وأعطى دفعة كبيرة للآخرين كي نرى أبطالًا مصريين في عالم الأوليمبياد.. فكيف بدأت قصة البطل المصري؟

كرم جابر مواليد ١٩٧٩ م، ذهب مع أخيه وهو في سن السابعة كي يشاهد مباريات المصارعة، حتى أُعجب بالفكرة وقرر أن يتعلمها، وطلبها صريحة من أخيه عادل «أنا عايز أكون زيك يا عادل»، وقد كان بدأ تعلم اللعبة، ثم وصل للظهور الأول في عام ١٩٨٩ م في سن العاشرة في مباراة على وزن ٢٦ كجم، وحقق الميدالية الذهبية الأولى له، ثم وصل للبطولة الإقليمية، وحقق الميدالية الفضية بها.

هذه الكلمات جميلة، لكن متى سمعنا بالبطل المصري للمرة الأولى؟

في الدورة الأوليمبية رقم ٢٨ بأثينا، وبعد غياب مصر عن الأرقام الفردية لمدة دامت ٥٦ عامًا، قرر كرم جابر أن يعيد اسم مصر إلى عصر التتويج، حيث حقق الميدالية الذهبية في وزن ٩٦ كجم، حينها أعلن خبراء اللعبة والأبطال العالميين والأولمبيين أن المصارع المصري كرم جابر مصارع ذكي، يجيد التعامل مع الجماهير، وجماهير روسيا تعشقه بجنون، وساهم بأدائه الفني والمهاري الخططي في عدم إلغاء المصارعة الرومانية من البرنامج الأولمبي من قِبَل اللجنة الأولمبية الدولية، وإن حركاته الفنية العالية تعطي المتعة والإثارة للجماهير. وقد فاز بالذهبية في أثينا بعد فوزه بمباراته الأولى مع مارك سيتمك البولندي ٦ – صفر ، والثانية على كوتيسيو اليوناني٦ – ١١، والثالثة فاز على الكازاخستاني بالتفوق الفني الواضح خلال ٣٠ ثانية من الدقيقة الأولى، وصعد لدور الأربعة وفاز على أوزال التركي بالتفوق الفني الواضح في المباراة، ثم فاز على رامز الجورجي بالتفوق الفني الواضح أيضًا، وحصل على الميدالية الذهبية، وسمعنا السلام الوطني في أثينا أخيرًا!

مشوار حافل من الإنجازات

كانت مسيرة كرم جابر حافلة بالبطولات والإنجازات على المستويين القاري والعالمي، ونجح في نيل حوالي ١٠ ميداليات ذهبية، حيث كانت البداية في بطولة شباب العرب بسوريا وزن ٩٦ كجم عام ١٩٩٧ م، والحصول على ذهبية ببيروت وزن ٩٦ كجم عام ١٩٩٧ م، وبرونزية دورة البحر المتوسط بإيطاليا وزن ٨٥ كجم ١٩٩٧ م، وبرونزية بطولة العالم للشباب بفنلندا وزن ٩٦ كجم عام ١٩٩٧ م.

ونال جابر ذهبية بطولة أفريقيا بالقاهرة وزن ٩٧ كجم عام ١٩٩٨ م، وبرونزية بطولة العالم للشباب بالقاهرة وزن ٩٧ كجم عام ١٩٩٨ م، وذهبية بطولة الألعاب الإفريقية جوهانسبرج وزن ٩٧ كجم عام ١٩٩٩ م، وذهبية بطولة إفريقيا بتونس وزن ٩٧ كجم عام ٢٠٠٠ م، والحصول على ذهبية بطولة العالم للقارات وكأس أحسن مصارع وزن ٩٧ كجم عام ٢٠٠١ م.

وظل جابر في طريقه نحو حصد الذهب خلال بطولة إسبانيا الدولية، وكأس أحسن مصارع وزن ٩٧ كجم عام ٢٠٠١ م، وذهبية دورة البحر المتوسط بتونس وزن ٩٧ كجم عام ٢٠٠١ م، وذهبية بطولة إفريقيا بالقاهرة وزن ٩٦ كجم عام ٢٠٠٢ م.

وفي كأس العالم للقارات تمكن جابر من الحصول على كأس أحسن مصارع وزن ٩٦ كجم عام ٢٠٠٢ م، وذهبية بطولة العالم للكبار وكأس أحسن مصارع وزن ٩٦ كجم عام ٢٠٠٢ م.

وتمكن كرم جابر من الحصول على الميدالية الذهبية في وزن ٩٦ كجم في بطولة بتلاسنسكي ببولندا عام ٢٠٠٣ م، والميدالية الفضية في بطولة العالم رقم ٤٨ للمصارعة الرومانية بفرنسا ٢٠٠٣ م، وذهبية بطولة دافيد شولتز بأمريكا يناير ٢٠٠٣ م.

الإخفاق وأسبابه

المشكلة التي تواجه أي نجم من نجوم الرياضة بخلاف كرة القدم في مصر، أنهم يتحدثون عنك فقط دون أن يحرك أحدهم ساكنًا، لا نراهم يقدمون أي شيء نهائيًا، وهذا ما عانى منه البطل كرم جابر، فلم تدعمه أجهزة الرياضة في مصر، ونعلم تمامًا أن جماهير الرياضة في مصر تهتم بكرة القدم أكثر من أية لعبة أخرى، فجاء الإخفاق وتعثر كرم جابر في الدور الأول من أوليمبياد بكين في لافتة كبيرة أقل ما يقال عنها “ضحايا الفساد الرياضي في مصر”.

اختفى كرم جابر لفترة طويلة عن الساحة الرياضية حتى سمعنا عن عودته في أوليمبياد ٢٠١٢ م، والتي حقق بها ميدالية فضية بدون أي دعم من أي جهاز رياضي في مصر، أو دعم من أية جهة استثمارية.. فعلها فقط بإرادته الصلبة، ليكون أول مصري يحصد ميداليتين أوليمبيتين.

الفساد الرياضي

يجب أن تعلم عزيزي القارئ أن كرم جابر لم يساعده أحد سوى أخاه، لم يقف بجواره الاتحاد المصري ولم نرى دعم من أجهزة الرياضة في مصر، و لم نرى المستثمرين يقدمون يد المساعدة لهذا البطل كي يواصل، وكأن مقولة دكتور أحمد زويل عن الفرق بيننا وبين الدول الأوروبية تتحقق: «هم يساعدون الفاشل حتى ينجح، أما نحن نحارب الناجح حتى يفشل!».

النهاية المأساوية

قبل دورة الألعاب الأوليمبية ٢٠١٦ م بالبرازيل، قرر الاتحاد الدولي أن يوقف كرم جابر لمدة عامين لرفضه الخضوع لاختبار المنشطات، مما أخفاه عن الساحة حتى الآن على الرغم من نيته الاعتزال تمامًا بعد هذه الدورة إلا أن الاتحاد سرّع هذا القرار.

أين كرم جابر الآن؟

بالصدفة وبسبب متابعتي لصفحة رياضية على Facebook تدعى Gym Egypt علمت أن كرم جابر من أكبر داعمي فكرة هذه الصفحة التي تشجع محبي رياضة رفع الأثقال على المواصلة، وتواصل إمدادهم بالأفكار والطرق التي تساعد كل رياضي على بناء جسم رياضي.. من الممكن أن نطلق على كرم جابر أنه قدوة بالنسبة لمحبي هذه الصفحة وظهر ذلك من حديثه في أكثر من مرة.

من طفل محب لرياضة، بدايةً بمبادرته لأخيه كي يجرب اللعبة، إلى رمز مصري في الأوليمبياد، إلى سقوط سببه الأجهزة الرياضية، مرورًا بعودة حميدة في ٢٠١٢ م، إلى إيقاف دولي في ٢٠١٦ م، حتى الوصول لنهاية المطاف كي يصبح رمز من رموز رياضة كمال الأجسام الذي تتمنى الجماهير أن تصل لمستواه..  إنه البطل المصري كرم جابر!