مفكرو المغرب العربي: عظماء مجهولون!

Comments 0

قليلًا ما تخرج الأحاديث الثقافية العربية في ذكرها لرواد الأدب العربي المعاصر عن أعلام أدبية ذائعة الصيت أمثال عباس العقاد، نجيب محفوظ، توفيق الحكيم، أحمد شوقي، حافظ إبراهيم، محمود درويش، ونزار قباني وغيرهم من الأسماء التي إذا ما أمعنَّا النظر فيها سيتضح أن الغالبية منهم مُوزَّعي الجنسية بين مصر -باعتبارها عاصمة الثقافة العربية- تليها لبنان، والبعض القليل الآخر من ذوي الجنسيات الفلسطينية والسورية، وتلك ملاحظة تدعو إلى تساؤل منطقي يحاول الوصول إلى السبب الكامن وراء اختفاء الغالبية العظمى من دول العالم العربي -وبخاصة دول المغرب العربي- من الصورة الثقافية المعاصرة.. هل هذا الركود المُلاحَظ سببه قصور النتاجات الثقافية لتلك البلدان؟ أم أنه اغتراب لهجة أهل البلد عن باقي البلدان العربية مألوفة اللهجة مثل مصر وبلاد الشام؟ هل هو الاندماج المُبالَغ فيه لبعض هذه الدول بثقافات أجنبية مثل تونس؟ أم أنه تقصير من هيئات الثقافة العربية المعنية بإبراز أدوار المُفكرين وما أنتجوه؟

في حقيقة الأمر نحن لا نعرف أي الأسباب السابقة هو المسبب الرئيسي لهذا الهجر الثقافي المغربي.. لكن ما نعرفه بالتأكيد أن النتاج الثقافي المغربي هو من أكثر النتاجات الأدبية العربية ثراءً وروعةً، وتزخر تلك البلدان بأعلام في مختلف مجالات الأدب والفن والبحث، بفروعهم الرئيسية والثانوية أمثال: محمد على الشويهدي، على فهمي خشيم، خليفة النليسي، إبراهيم الكوني، عبدالله مليطان، حسين بن عمو، ومبارك ربيع وغيرهم آخرين كُثر.. ولكن دعنا نتحدث إيجازًا عن ثلاثة من هؤلاء المبدعين، وهم: على فهمي خشيم كنموذج ليبي لمفكري المغرب العربي، وحسين ابن عمو كنموذج تونسي، ومبارك ربيع كنموذج مغربي.

علي فهمي خشيم (ليبيا)


هو أحد رموز الفكر والأدب في ليبيا في الخمسين عامًا الأخيرة؛ حيث تنوعت كتاباته فغطت مجالات الفلسفة والتاريخ واللغة والنقد الأدبي والترجمة والإبداع الروائي والشعري، وعُرف عنه النشاط الثقافي الواسع متمثلًا في الهيئات والجمعيات والمراكز العلمية والصحافية، ومن أهم تلك النشاطات: إنشائه مجلة(قورينا) بكلية الآداب عام 1966، وتأسيس مجلة (الفصول الأربعة) الصادرة عن اتحاد الكتاب والأدباء عام 1983، وقد كان عضوًا بهيئة أمناء المجلس القومي للثقافة العربية بالرباط عام 1983، كما رأس تحرير عدد من المجلات المحلية الأدبية الليبية الأخرى على مدى سنوات عديدة، ولعلي فهمي خشيم مؤلفات ومترجمات عديدة تزخر بها المكتبة العربية، وإن كانت مغمورة بشكل يدعو للأسى، فمن أمثال تلك الأعمال: مسرحية (حسناء قورينا)، و(الحركة والسكون) وهي مجموعة مقالات نقدية في مختلف الموضوعات التي اهتم بها الكاتب، وترجمة كتاب (نظرة الغرب إلى الإسلام في القرون الوسطى) لوليام سترن، ورواية (إينارو)، وكتاب (الإعانة)، وكتاب (حديث الأحاديث).

حسين بن عمو (تونس)


وُلد ابن عمو في مدينة دار شعبان القهري بولاية نابل، نشر العديد من الروايات والقصص بالمجلات التونسية، وتحولت أعماله إلى مسلسلات إذاعية مثل المسلسل الإذاعي (الموريسكية).
حاز على جائزة البلهوان التشجيعية في اختصاص الأدب، وجائزة كومار التقديرية عام 2006، ومن نتاجه الأدبي الضخم: (باب العلوج) و(رحمانة والخلخال)

مبارك ربيع (المغرب)

وُلد ربيع بسيدي معاشو 1935، عمل بالتدريس ابتداءً من 1952، وحصل على الإجازة في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع عام 1967، كما حصل على دكتوراه الدولة سنة 1988، وكان لهذا أثر في نتاجه المعرفي؛ حيث كتب الكثير من الدراسات مثل: (عواطف الطفل في الطفولة والتنشئة الاجتماعية)، و(مخاوف الأطفال وعلاقتها بالوسط الاجتماعي).

 كتب الكثير من الأعمال القيمة في أدب الطفل مثل: (أحلام الفتى السعيد)، (ميساء ذات الشعر الذهبي)، (بطل لا كغيره)، و(طريق الحرية)، أما نتاجاته في مجال الإبداع الأدبي فقد تنوع بين الرواية مثل: (الطيبون)، (الريح الشتوية)، و(درب السلطان)، والقصة القصيرة مثل: (سيدنا قدر)، و(رحلة الحب والحصاد)، و(البلوري المكسور).

في النهاية.. لا يسعني القول إلا أنه لا رغبة لدي الآن إلا دفعك أيها القارئ إلي الغوص في أعماق الأدب المغربي المجهول، واقتناص ما يكمن فيها من درر قابعة في أعمالها وحيوات مفكريها، والتي من شأنها -بلا أدنى شك- تكوين آفاق جديدة بجوانب ثقافية وفنية بل وإنسانية.